قصه كامله
تلك فى كل الاحوال
وقفت امام غرفة مكتبه تتنفس بعمق استعداد لما هى مقدمة عليه ثم دقت بابها بهدوء ليأتيها صوته العميق مجيبا أذنا لها بالدخول لتفتح الباب تدلف الى الداخل ببطء فيرفع جلال وجها خالى من التعبير ولكن حين رأى هى من دخل عليه حتى ارتفع عن مقعده بقلق وهو يرى ملامح الحزن على وجهها يسألها وهو يتقدم منها بلهفة
توقفه عن الحديث تهمس برقة لا تخلو من الحزن
متقلقش انا كويسة...بس...بس
ابتلع جلال لعابه بصعوبةقائلا بصوت مرتجف
بس ايه! اتكلمى قلقتينى
اصل دخلت اعمل لينا الفطار حسيت انى
دوخت ومقدرتش اكمل
زفر جلال بقوة وهو يغمض عينيه فلم تعلم اهى زفرة راحة او تأثرا بها لكن لم تدم حيرتها طويلا حين همس بنبرة اجشة كانه يتألم
طيب ليه....ممكن انا وانت نحضره...ومتقلقش
لسه محدش صحى فى البيت
هتف جلال بصوت عالى مستنكرا
انتى بتقولى ايه.....فطار ايه اللى عوزانى احضره
اسفة....انا بس كنت عاوزة نعمل انا وانت حاجة سوا بس الظاهر....
لم تكمل بل التفتت تنوى المغادرة وسريعا قبل ان ټخونها دموع الخيبة لكن اتت قبضته توقفها عن الحركة وهو يقول بانفاس ثقيلة ونبرة منخفضة
يلا بينا قبل ما اللى فى البيت يصحوا... وساعتها لو حصل ايه مش داخل المطبخ ده ابدا
وقف مكانه يستند بظهره على قطعة المطبخ يراقب تحركها المحموم فى ارجاء المطبخ تصنع هذا وتضع ذاك يجد ان لا حاجة لها لوجوده فهو لم يتحرك من مكانه منذ لحظة دخولهم المطبخ لكنه لم يقاوم متعة مراقبتها وهى تتحرك هنا وهناك كفراشة صغيرة سعيدة يستمتع بثرثرتها كانها انغام موسيقى عذبة تمتع اذانه يسأل نفسه متى اختفى حنقه وغضبه منها واين ذهبت ثورته عليها ليلة امس لدرجة اوصلته لصفعها فيكره نفسه بسبب فعلته تلك اين ذهب قراره بابعادها عنه والى الابد.. هل اختفى كل شيئ لمجرد عودتها اليه كصفحة بيضاء لا تتذكر كل ماحدث بينهم من سوء ظن و اټهامات فرحا بعودة ليله السعيدة الخالية من الهموم اليه فيتجاهل كل ما سبق
انتبه من افكاره على صوتها القلق يناديه فيرفع عينيه اليها بتساؤل لتسرع قائلة بلهفة
جلال روحت فين.... انا عمالة انادى عليك علشان الاكل جهز
ابتسم بضعف لها وهو يتحرك معها لطاولة الطعام يجلسها ويجلس بعدها يشرع بتناول الطعام ولكن توقف متفاجئا حين وجد قطعة من الطعام وهى تبتسم له برقة فلم يدرك سوى وفمه يفتح بطاعة لها يتناولها من بين اناملها لينار وجهها بالفرحة تسرع فى اعداد قطعة اخرى تناوله اياها ثم تتبعها باخرى حتى اوقف اناملها الممتدة بقطعة اخرى اماما فمه يهمس لها
لم تستسلم بل ظلت تمد اناملها له وهو تبتسم قائلة
متقلقش انا باكل
اطاعها هذه المرة ايضا لكنه اسرع يوقف حركتها حين وجد انها تستعد لاعداد قطعة اخرى له قائلا باعتراض
كفاية كده.... انا خلاص شبعت
شفتيها اسفا تتوقف حركت اناملها باحباط لم يحتمله هو ليشرع فورا فى اعداد قطعة من الطعام الى فمها هامسا برقة
ايه ده انتوا جهزتوا الفطار.... وفطرتوا كمان
اغلق جلال عينيه ضاغطا فوق اسنانه بغيظ وهو يبتعد عن ليله يغمغم بكلمات غير واضحة لكنها كانت مفهومة لها جعلت من ابتسامة مرحة تقفز لشفتيها لكنها حاولت اخفائها عن عينيه وهى تراه مازال يسب لاعنا بحنق وڠضب لكنه لم يوقف اميرة
تقترب من الطاولة وهى تتصنع الابتسام لكن كانت عينيها تطلق شرارت الحقد والغل ناحيتهم تهم بالجلوس لكن تأتى كلمات جلال كدلو مياه مثلجة سقط فوقها تسمرها مكانها قائلا ببرود شديد
الفطار ده ليا انا وليله....عاوزة اعملى لنفسك فطار
توترت اميرة قائلة بارتبارك وحرج
مش مهم خلاص....هستنى عمتى وحبيبة لما يصحوا
تحركت ناحية الباب مرة اخرى لكنها رمت بنظرة حانقة ناحية ليله لتفاجىء بليله تبادلها النظرة ولكن بابتسامة ساخرة كانها تذكرها بحديثهم السابق لتسرع فى المغادرة بخطوات سريعةتختفى خلف الباب تقف فى الخفاء تسترق السمع لهم كعادتها لتشتعل نيرانها اكثر واكثر تكاد تتفحم اعضائها غيظا وهى تسمع ليله وهى تنهض من مكانها قائلة بخفوت
هقوم اعمل الشاى....
اسرعت يدى جلال توقفها يجلسها مرة اخرى ينهض هو قائلا بهدوء
لا خليكى انتى هعمله انا... كفاية عليكى انك عملتى الفطار
فتحت فمها بذهول وهى تراه يتحرك بنشاط تنفيذا لكلامه فاخذت تراقب تحركاته بدهشة سرعان ما تحولت لنظرات عشق وهيام وابتسامة سعيدة بلهاء تزين ثغرها
يا بنتى ربنا يهديكى بقى ابعدى نفسك عن جلال ومراته....انتى مالك ومالها
نطقت زاهية بتلك الكلمات برجاء وهى جالسة تراقب سلمى والتى وقفت تجوب ارض غرفتها ذهابا وايابا انارات التفكير العميق على وجهها تكمل بحنق
انتى مالك عاوزة افهم ان كانت بتمثل ولا لا هى حرة معه ..... ابعدى انتى وبس عنهم
توقفت سلمى تلتفت لها قائلة بحزم
ازاى يا ماما مالى ...ده كان خلاص همشيها ويطلقها وفجأة كده وقعت من طولها وقامت مش فاكرة حاجة....دى اكيد بتمثل علشان ميطلقهاش
نهضت زاهية تقترب منها بسرعة تهتف بها بحزم هى الاخرى
ارجع واقولك واحنا مالنا.....انتى ناسية ان فتحتك على ابنك خالك اخر الاسبوع....يعنى خلاص جلال مش ليكى ولا عمره هيبقى ليكى ...لازم تفهمى حتى ولو طلقها فهو برضه مش نصيبك ولا نسيتى الحرباية امه وبنت اخوها
شحب وجه سلمى بشدة عند تذكرها لزوجة عمها وحساباتها التى اخرجتها منها بطرفة
عين دون لحظة تردد واحدة لكنها تماسكت سريعا هامسة بامل
جلال استحالة هيفكر فيها بعد ما مرات عمى فرضتها عليه....مش جلال اللى يعمل حاجة ڠصب عنه
تنهدت زاهية باحباط قائلة برجاء تحاول بث العقلانية فى حديثها
اعقلى يا سلمى يا بنتى وابعدى نفسك عن الموضوع ده وكفيانا اللى حصل بسببه....ابوكى لو عرف اللى فى دماغك ده قليل لو ما قټلك فيها
لكن سلمى وقفت كالصنم لا تعير حديثها ادنى اهتمام تصم اذانها عن اى حديث اخر سوى ما يخبرها به عقلها تبحث عن طريقة تستطيع بها اثبات صحة تفكيرها امام الجميع وخاصا امام جلال
الفصل الثالث والعشرون
كانت تقف داخل المطبخ تدندن احدى الالحان بصوت سعيد وهو تتمايل برشاقة مع انغامه وهو تعد قهوته بنفسها بعد ان طلب من نجية اعدادها له لكنها رفضت رافضا قاطعا ان يعدها احد اخر غيرها بينما وقفت نجية تتابعها بأبتسامة حانية وهى تلاحظ حالتها السعيدة قائلة بعد حين
اللى يشوفك دلوقت ميشفكيش من كام يوم يا ست ليله وانتى كنتى بتعملى القهوة لسى جلال برضه
التفتت اليها ليله مبتسمة بفرحة ثم تعاود الاهتمام بالقهوة دون ان تعلق على حديثها تدرك مقصدها تتذكر هذا اليوم وحالتها الغاضبة وقتها من افعال تلك الافعى المسماة باميرة ولكن يأتى صوت سلمى من ناحية الباب مقاطعا افكارها تهتف بسخرية
غريبة يا ليلة يعنى مسألتيش نجية تقصد ايه ولا بتتكلم عن ايه
يعنى.....مش انتى مش فاكرة حاجة برضه
زفرت ليله بحنق لكنها لم تعيرها اهتماما تكمل عملها بهدوء ليحتقن وجه سلمى غيظا وهى تشير الى نجية
بالخروج والتى هرولت سريعا ناحية الباب لكن اوقفتها سلمى تهمس لها بحنق جعل من وجهها شاحبا
عارفة لو روحتى تنادى لحد.....محدش هيحوشك من ايدى بعدها
اومأت نجية برأسها ثم هرولت مغادرة لتقف سلمى مستندة فوق اطار الباب تتابع حركة لليله للحظةثم تقدمت بخطوات بطيئة حتى اصبحت خلفها تماما تقترب منها ثم تميل على اذنها تفح داخلهم بغل
لو عرفتى تضحكى على الدنيا بحالها مس هتعرفى تضحكى عليا انا.....فاكرة لما تعملى نفسك مش فاكرة حاجة جلال مش هيطلقك ولا يتحوز عليكى....يبقى بتحلمى يا ليلة
ابتسمت ليلة بخبث وقد اتى لها ثأرها من تلك الصفراء على طبق من فضة تسرع فى رسم امارات الهلع والصدمة فوق ملامحها وهى تلتفت الى سلمى هاتفة بفزع
انتى بتقولى ايه يا سلمى......جلال عاوز يطلقنى انا ويتجوز عليا
اضطربت سلمى ينعقد لسانها وتتسع عيونها ذهولا تصدق لوهلة ما تراه امامها من صدمة وهلع ليله لكنها تماسكت سريعا صاړخة بها بغيظ
بت انتى شغل التمثيل ده مش عليا انا....متخلنيش اوريكى وشى تانى
وقفت ليله تنظر اليها بعيون متسعة ببراءة وملامح حزينة قائلة بعتب
بقى كده يا سلمى.....بس انا مشهسكت....انا لازم اروح لجلال واسأله على كلامك ده
وبلمح البصر كانت تترك ما بيدها تهرع مسرعة ناحية الباب مغادرة دون ان تمهل سلمى الفرصة اوحتى النطق بحرف توقفها به تنظر فى اثرها پصدمة وهى تهمس پذعر
يا وقعتك السودا ياسلمى.....يا وقعتك السودا...
توقف مكانها بجسد مجمد وعيون متسعة ذعرا تردد كلماتها كاحدى التسجيلات التالفة تعلم انها هالكة لا محالة بعد ما فعلته
كان يجلس مع عمه وولده فواز داخل قاعة الاستقبال الصغرى تدور بينهم مناقشات متفرقة فى انتظار قهوته قبل ان يذهب ان يذهب كل منهم الى اعماله ولكنه هب فزعا قاطعا حديثهم حين وجدته ټقتحم عليهم المكان شاهقة بالبكاء تهرع اليه ترمى فوق صدره تختصنه ويديها تتشبث بقميصه من الهلف بقوة ليتصلب جسده وقلبه يرتجف ړعبا وهو يراها على تلك الحالة من الاڼهيار يهتف بها بقلق ولهفة
مالك يا ليله....فى ايه ياقلبى... حصل ايه ردى عليا
زاد تشبثها به يزداد معه بكائها وهو تقول بصوت مخټنق شاهقة من بين نحيبها
انت صحيح عاوز تطلقنى....وهتتجوز واحدة تانية غيرى
ضغط جلال بقوة فوق اسنانه يسب من بينهم بصوت خاڤت محتقن ليسرع صبرى مقتربا منهم محاولا التهدئة قائلا بتروى وهدوء
اهدى يابنتى كده......اهدى بس وفهمينا مين اللى قالك الكلام الفارغ ده
قائلا بصوت بارد كالصقيع جمد الډماء فى عروق راغب
نكس راغب راسه بهزيمة تتصاعد شهقات بكائه كطفل صغير وقد ادرك انه امام خياران كلهما كالمۏت بالنسبة له ولا فرار من احداهما
نهض جلال واقفا ببطء يكمل وقد علم ما يدور بعقل راغب قائلا بتهكم
وبعدين دول شوية صور لا هيودوا ولا هيجيبوا..بس هيكونوا معايا علشان لو فكرت ترجع للبلد تانى ولا تلعب بديلك.... ولا انت ناوى تلعب بديلك
قال جملته الاخيرة متسأئلا بأستهزاء لكن راغب لم يتردد لثانية يهز راسه نافيا بقوة ليبتسم جلال ابتسامة صفراء قائلا
طيب يا راجل...تبقى خاېف من ايه...مدام هتبقى عاقل كده واد كلمتك
ثم اشار براسه الى رجله الواقف فى الخلفية بصمت ليسرع ناحية راغب يرفعه عن الارض بخشونة دون مقاومة من راغب كأنه استسلم لمصير اراد اذاقت غيره
به فأذاقه الله من شړ اعمله
انتى اتجننتى يا ليله! ليه بتعملى كده.... ده جلال لو اكتشف انك....
اسرعت ليله تصمت شقيقتها تضع كفها فوق فمها تقطع الباقى من حديثها وهى تهمس بقلق
وطى صوتك